*** للسعادة موانع! وللسعادة أسباب! وللسعداء صفات! ***
صفحة 1 من اصل 1
23102013
*** للسعادة موانع! وللسعادة أسباب! وللسعداء صفات! ***
*** للسعادة موانع! وللسعادة أسباب! وللسعداء صفات! ***
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن أتبع هديه الى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موانع السعادة
لا ريب أن ثمة موانع كثيرة للسعادة تحول دون الوصول إليها، والتنعم بالعيش فيها.
وإليك أهم تلك الموانع:
1- الكفر: يقول الله -تعالى-: (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ )(الأنعام: من الآية125).
هكذا يصور القرآن التعاسة والشقاء تصويرا دقيقا.
2- عمل المعاصي والآثام والجرائم: ولن أستشهد على هذا الأمر فهو واضح جلي، لكني أذكر قولا من أقوال الكفار، لبيان هذه القضية.
يقول ألكس كاريل: "إن الإنسان لم يدرك بعد فداحة النتائج التي تترتب على الخطيئة، ونتائجها لا يمكن علاجها على وجه العموم".
ويقول سقراط، وهو كافر: "إن المجرم دائما أشقى من ضحيته، وإن من يكون مجرما ولم يعاقب على جرمه، يكون من أشقى الناس".
هكذا يقول هذان الكافران، بينما نجد " أن، صحابيا أذنب، فجاء إلى الرسول صلى الله عليه و سلم وقال: يا رسول الله طهرني، وكررها على رسول الله - عليه الصلاة والسلام - فأقام عليه الحد. " [رواه مسلم 11/199].
3- الحسد والغيرة: وأمر الحسد خطير، حتى إن الله -تعالى- يأمرنا بالاستعاذة من شر الحاسد، قال -تعالى-: (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) (الفلق:5).
وقال الله -تعالى-: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) (النساء: من الآية54). قال ذلك عن الكفار.
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم موجها أمته: " لا تحاسدوا، ولا تقاطعوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا " [متفق عليه]
ولا مانع من أن نستشهد على سوء الحسد من كلام بعض أعدائنا.
يقوك فيكتور بوشيخ: "إن الحسد والغيرة والحقد أقطاب ثلاثة لشيء واحد، وإنها لآفات تنتج سموما تضر بالصحة، وتقضي على جانب كبير من الطاقة والحيوية اللازمتين للتبكير والعمل".
4- الحقد والغل: قال -تعالى- في سورة الحشر: (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا) (الحشر: من الآية10).
يصف الله -تعـالى- المؤمنـين في هذه الآية بأنهم يقولون هذا الدعاء، لأن الغل من موانع السعادة.
ويقول -تعالى- واصفا المؤمنين في حياتهم الأبدية، في جنة الخلد: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) (الأعراف: من الآية43).
يقول إبراهيم الجمل: "الحاقد يظل طوال وقته لا يفكر إلا في النيل من الذي يحقد عليه، فقد يكذب عليه، وقد يضر به، ولا يهاب في سبيل ذلك ما يفعل".
5- الغضب: لا شك أن الغضب من حواجب السعادة والانشراح، ولذلك امتدح الله المؤمنين قائلا عنهم: (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) (الشورى: من الآية37). ويقول الرسول صلى الله عليه و سلم " ليس الشديد بالصرعة، إنمـا الشديد من يملك نفسه عند الغضب " [متفق عليه].
6- الظلم: فإن الظلم مرتعه وخيم. وعاقبته سيئة إلى أبعد الحدود.
فلنقف على مثالين معاصرين يصوران عقبى الظلم ومآل الظلمة، هما (حمزة البسيوني، وصلاح نصر)،) صبا على الدعاة إلى الله من الظلم والعذاب ما تقشعر له الأبدان.
ولكن: كيف كانت حياتهم؟ شر حياة والله.
أما حمزة البسيوني فقد بلغ به التجبر والطغيان إلى حد أنه كان يقول للمؤمنين - وهو يعذبهم حينما يستغيثون بالله - يقول: أين إلهكم لأضعه في الحديد!
وأما صلاح نصر فقد كان يعقد على زوجات الناس عقودا وهمية، وهن في عصمة رجال آخرين، ويتزوجهن!!! لكن كيف كانت نهاية أولئك الطغاة؟
حمزة البسيوني اصطدمت سيارته، وهو خارج من القاهرة إلى الإسكندرية، بشاحنة تحمل حديدا، فدخل الحديد في جسمه، من أعلى رأسه إلى أحشائه، وعجز المنقذون أن يخرجوه إلا قطعا.
هكذا أهلكه الله بالحديد، وهو الذي كان يقول إنه سيضع الله في الحديد، تعالى الله عما يقول الظالمون.
وأما صلاح نصر فقد أصيب بأكثر من عشرة أمراض مؤلمة، مزمنة، عاش عدة سنوات من عمره في تعاسة، ولم يجد له الطب علاجـا، حتى مات سجينا، مزجوجا به في زنـزانات زعمائه الذين كان يخدمهم.
إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته.
7- الخوف من غير الله إن الخوف من غير الباري -سبحانه- يورث الشقاء والذلة، ولذلك قال الله -تعالى- عن بني إسرائيل: (أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ) (البقرة: من الآية114).
وقال -تعالى-: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:175).
وقـال إبراهيم لقومه - كـما ورد في القرآن -: (وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ) (الأنعام: من الآية80).
إذن فالخوف من غير الله من موانع السعادة.
8- التشاؤم: كم كان التشاؤم سببا في التعاسة والمتاعب. ولهذا كان المصطفى صلى الله عليه و سلم يعجبه الفأل، ويكره التشاؤم. [أخرجه أحمد ورواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه].
يقول الدكتور عزيز فريد: "المتشائم يتحمل بفعل اتجاهه التشاؤمي متاعب عدة، هي أشد وقعا على أعصابه من الكوارث والملمات التي قد تقع به".
9- سوء الظن: فالله -سبحانه- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) (الحجرات: من الآية12).
ويقول الرسول صلى الله عليه و سلم " إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث " [متفق عليه].
10- الكبر: المتكبر يعيش في شقاء دائم، وتعاسة أبدية، وإن تغطرس، وتعالى على الناس، وغمطهم حقوقهم.
11- تعلق القلب بغير الله: كتعلق قلب العاشق بمعشوقته.
ويكفي لتصوير خطورة الأمر أن نقرأ قصة مجنون ليلى، لنعلم كيف عاش هذا الرجل شريدا طريدا، حتى جن، ومات وهو عاشق.
وكم من عاشق مات في عشقه، وقدم على الله وقلبه معلق بغيره. فيالها من خسارة دنيوية وأخروية.
12- المخدرات: إن كثـير من الناس يتوهم أن السعادة تجتلب بمعـاقرة المخدرات والمسكرات، فيقبلون عليها، قاصدين الهروب من هموم الدنيا ومشاغلها وأتراحها، وإذا بهم يجدون أنفسهم كالمستجير من الرمضاء بالنار.
لأن المخدرات في الحقيقة من الحوائل دون السعادة، وإنها تجلب الشقاء، واليأس، والانحلال، والدمار.
دمار الفرد والمجتمع والأمة.
وإن لنا في الواقع الحاضر لخير شاهد على ذلك فليعتبر أولو الألباب.
والآن، بعد أن عرفنا موانع السعـادة، فلنعد إلى طريق الخلاص والفكاك، إلى أسباب السعادة، والسبل الموصلة إلى ظلالها الوارفة.. فما هي أسباب السـعادة وما هي صفات السعداء؟
أسباب السعادة وصفات السعداء
إن من يريد أن ينال السعادة، وهو لم يأخذ بأسبابها يصدق عليه قول الشاعر:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس
فلنقف معا على أسباب السعادة وصفات السعداء لعل الله أن يوفقنا للأخذ بها إنه جواد كريم:
1- الإيمان بالله، والعمل الصالح:
يقول الله تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) (النحل: من الآية97) أي فلنحيينه حياة سعيدة.
وكلنا يريد الحياة الطيبة، فعلينا بالعمل الصالح مع الإيمان: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (المائدة: من الآية69).
وفي حديث أبي يحيى صهيب بن سنان قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد، إلا للمؤمن، إن أصابته سراء، شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر، فكان خيرا له " [رواه مسلم 18/125].
وكان الرسول صلى الله عليه و سلم يجد راحته ولذته في الصلاة والطاعة، كان يقول: " أقم الصلاة يا بلال، أرحنا بالصلاة " [رواه أحمد وأبو داود].
بينما نجد كثيرا من الناس يقول: أرحنا من الصلاة، نحن في غم، في هم، نحن مشغولون عن الصلاة - هكذا يقولون - والرسول صلى الله عليه و سلم يقول: " وجعلت قرة عيني في الصلاة " [رواه أحمد والنسائي].
ولنعرج على مثال حي واقعي، لنرى كيف يفعل الإيمان بأصحابه، كيف يجعلهم يشعرون بالسعادة في كل الأحوال!! ابن تيمية - رحمه الله - عذب وسجن وطرد، ومع هذا نجده يقول، وهو في قلعة دمشق، في آخر مرحلة من مراحل إيذائه وجهاده، يقول: "ما يصنع أعدائي بي، أنا جنتي وبستاني في صدري، أنى رحلت فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة".
هكذا نجد شيخ الإسلام يغلق الطرق في وجوه أعدائه بهذه القولة الخالدة، التي تعد نبراسا يضيء الطريق للمؤمنين، ولا يستطيعها إلا عظماء الرجال، وذوو الهمم العالية.
2- الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره:
فكله من الله - سبحانه وتعالى - فاعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك.
وهذه الصفة من أهم صفات السعداء، إذ لا يمكن أن تحصل السعادة إلا لمن يؤمن بالله، ومن الإيمان بالله الإيمان بقضائه وقدره، والرضا بقسمه، لأن الإنسان في هذه الحياة لا بد أن ينتابه شيء من الهموم والمصائب، فإن لم يؤمن بالقضاء والقدر، هلك.
ولنضرب مثلا للإيمان بالقضاء والقدر، وأثره في سعادة الإنسان:
عروة بن الزبير- رحمه الله - أرادوا أن يقطعوا رجله، لأن فيها الآكلة (السرطان) فقالوا له: لابد أن نسقيك خمرا، لكي نستطيع أن نقطع رجلك بدون أن تحس بآلام القطع - خاصة أنهم بعد القطع سيضعونها في الزيت المغلي ليقف الدم - فماذا كان موقفه؟
لقد رفض وقال: لا، أيغفل قلبي عن ذكر الله!! فقالوا: إذن ماذا نفعل؟ قال: سأدلكم إلى طريقة أخرى، إذا قمت إلى الصلاة، فافعلوا ما تشاؤون، لأن قلبه - حينئذ - يتعلق بالله، فلا يحس بما يفعل به.
وفعلا عندما كـبر مصليا، قطعوا رجله من فوق الركبة، ولم يتحرك، ولكن عندما وضعوا رجله في الزيت المغلي سقط مغشيا عليه، وفي الليل أفاق. فإذا بالناس يقولون له: أحسن الله عزاءك في رجلك، وأحسن الله عزاءك في ابنك.
لقد مات ابنه في هذه الأثناء، فماذ قال؟ قال بكل تسليم وإيمان بالقضاء: "الحمد لله، يا رب إن كنت ابتليت فقد عافيت، وإن كنت أخذت فقد أعطيت وأبقيت".
هذا هو الإيمان الصادق بالقضاء والقدر، ولكن أين أمثال هؤلاء التقاة الخاضعين لله، المسلمين لمشيئته، (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت:35).
3- العلم الشرعي:
فالعلماء العارفون بالله هم السعداء.
وإليك يا أخي الكريم قصة تناسب هذا المقام، وهي قصة لأحد العلماء الزهاد، ألا وهو أبو الحسن الزاهد، فما أحداث تلك القصة المثيرة؟
كان أحمد بن طولون - أحد ولاة مصر - من أشد الظلمة، حتى قيل: إنه قتل ثمانية عشر ألف إنسان صبرا (أي يقطع عنه الطعام والشراب حتى يموت) وهذا أشد أنواع القتل، فذهب أبو الحسن الزاهد إلى أحمد بن طولون امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه و سلم " أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر " [رواه أحمد والنسائي وابن ماجة] وقال له: "إنك ظلمت الرعية"، وخـوفـه بالله - تعالى - فغضب ابن طولون غضبا شديدا، وأمر بأن يجوع أسد ثم يطلق على أبي الحسن!! يا له من موقف رهيب!! لكن نفس أبي الحسن الممتلئـة بالإيمان والثقة بالله، جعلت موقفه موقفا عجيبا.
عندما أطلقوا عليه الأسد أخذ يزأر، ويتقدم، ويتأخر، وأبو الحسن جالس لا يتحرك، ولا يبالي، والناس ينظرون إلى الموقف، بين باك وخائف على هذا العالم الورع.
وضعوا أمامه أسدا جائعا!! إنها معركة غير متكافئة!! ولكن ما الذي حدث؟ لقد تقدم الأسد وتأخر، وزأر، ثم سكت، ثم طأطأ رأسه، فقرب من أبي الحسن، فشمه، ثم انصرف عنه هادئا، ولم يمسسه بسوء.
وهنا تعجب الناس! وكبروا، وهللوا.
ولكن في القصة ما هو أعجب من ذلك.
لقد استدعى ابن طولون أبا الحسن، وقال له: قل لي بماذا كنت تفكر، والأسد عندك، وأنت لا تلتفت إليه، ولا تكترث به؟
فأجاب قائلا: إني كنت أفكر في لعاب الأسد - إن مسني - أهو طاهر أم نجس؟
قال له: ألم تخف الأسد؟ قال: لا، فإن الله قد كفاني ذلك.
هذه هي السعـادة الحقيقية، التي يورثهـا الإيمان والعلم النافع، هذا هو الانشراح الذي يبحث عنه كل الناس.
هذا الموقف الصلب من أبي الحسن يذكرنا بموقف الصحابي الجـليل خبيب بن عدي - رضي الله عنـه - عنـدمـا أسره المشركون، وقبل أن يقتلوه، سألوه: هل لك حاجة قبل أن تموت؟ فطلب منهم أن يمهلوه حتى يصلي ركعتين، فأمهلوه فصلى ركعتين - وكان أول من سن الركعتين قبل القتل .
وبعد الصلاة قال: والله لولا أني خشيت أن تظنوا أني جزع من القتل، لأطلت الصلاة..
فلما رفعوه ليصلبوه ويقطعوه، سألوه: أتحب أن محمدا مكانك وأنك بين أهلك؟
فقال: "والله إني لا أحب أن يصاب محمد بشوكة بين أهله، وأنا في مكاني هذا"!!
انظر يا أخي إلى قوة اليقين، وصلابة المؤمنين!! ثم قال "اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا".
شجاعة، بطولة! قوة يقين! رسوخ إيمان! يصلي بثبات، يرد عليهم بثبات، يدعو عليهم بثبات، ينشد هذه الأبيات بثبات، هذا هو لب السعادة لمن أرادها.
4- الإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن: (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد: من الآية28).
إن من داوم على ذكر الله يعش سعيدا مطمئن القلب. أما من أعرض عن ذكر الله، فهو من التعساء البؤساء. (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) (الزخرف:36).
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طـه:124).
(فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الزمر: من الآية22).
5- انشراح الصدر وسلامته من الأدغال:
وفي القرآن الكريم آيات عديدة في مقام الانشراح، فقد حكى الله عن موسى - عليه الصلاة والسلام - قوله (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) (طـه: من الآية25).
وقال تعالى - ممتنا على رسوله محمد - صلى الله عليه و سلم (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) (الشرح:1).
وقال تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ) (الأنعام: من الآية125).
ويقول - جل شأنه: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) (الزمر: من الآية22).
فانشراح الصدر وطلبه من علامات السعادة وصفات السعداء.
6- الإحسان إلى الناس:
وهذا أمر مجرب، ومشاهد، فإننا نجد الذي يحسن إلى الناس من أسعد الناس، ومن أكثرهم قبولا في الأرض.
7- النظر إلى من هو دونك في أمور الدنيا وإلى من هو فوقك في أمور الآخرة:
كما ورد في التوجيه النبوي الكريم حين قال صلى الله عليه و سلم " انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله " [رواه مسلم].
هذا في أمور الدنيا، لأنك إذا تذكرت من هو دونك، علمت فضل الله عليك.
أما في أمور الآخرة فانظر إلى من هو أعلى منك، لتدرك تقصيرك وتفريطك، لا تنظر إلى من هلك كيف هلك، ولكن انظر إلى من نجا كيف نجا.
8- قصر الأمل وعدم التعلق بالدنيا، والاستعداد ليوم الرحيل:
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في كلمة جامعة مع أنها قصيرة: "الحياة قصيرة. فلا تقصرها بالهم والأكدار".
وهاك يا أخي هذه المحاورة القيمة التي دارت بين نفر، من المتخلين عن الدنيا، المتأهبين ليوم الرحيل.
جلس نفر من الصالحين يتذاكرون، ويتساءلون حول قصر الأمل.
فقيل لأحدهم: ما بلغ منك قصر الأمل؟ فقال: بلغ مني قصر الأمـل أنني إذا رفعت اللقمة إلى فمي، لا أدري أأتمكن من أكلها أم لا!!
ووجه السؤال نفسه إلى آخر، فأجاب بقريب من ذلك.
ولما سئل ثالثهم عن مبلغ قصر الأمل في نفسه. قال: بلغ مني قصر الأمل أني إذا خرج مني النفس، لا أدري أيرجع أم لا!!
إن الحياة - يا أخي - قصيرة، فلا تزدها قصرا ومحقا بالهموم والأكدار.
9- اليقين بأن سعادة المؤمن الحقيقية في الآخرة لا في الدنيا: قال تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (هود:108).
ويقول الرسول صلى الله عليه و سلم " الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر " .
وهنا قصة عجيبة لابن حجر العسقلاني - رحمه الله - خرج يوما بأبهته - وكان رئيس القضاة بمصر - فإذا برجل يهودي، في حالة رثة، فقال اليهودي: قف. فوقف ابن حجر. فقال له: كيف تفسر قول رسولكم: " الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر " وها أنت تراني في حالة رثة وأنا كافر، وأنت في نعيم وأبهة مع أنك مؤمن؟!.
فقال ابن حجر: أنت مع تعاستك وبؤسك تعد في جنة، لما ينتظرك في الآخرة من عذاب أليم - إن مت كافرا -.
وأنا مع هذه الأبهة - إن أدخلني الله الجنة - فهذا النعيم الدنيوي يعد سجنا بالمقارنة مع النعيم الذي ينتظرني في الجنات.
فقال: أكذلك؟ قال: نعم. فقال: أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
10- مصاحبة الأخيار والرفقة الصالحة:
ولا يستطيع أحد أن ينكر أثر القرين على قرينه، فهو مشهود، ومجرب، وواضح من خلال الواقع، ومن خلال التاريخ.
ولذلك قال الرسول صلى الله عليه و سلم " مثل الجليس الصـالح، والجليس السوء، كحامل المسك، ونـافخ الكير... " [متفق عليه].
11- أن تعلم أن أذى الناس خير لك ووبال عليهم:
قال إبراهيم التيمي: "إن الرجل ليظلمني، فأرحمه".
ويروى أن ابن تيمية أساء إليه عدد من العلماء وعدد من الناس، وسجن في الإسكندرية.
فلما خرج، قيل له: أتريد أن تنتقم ممن أساء إليك؟ فقال: قد أحللت كل من ظلمني، وعفوت عنه" أحلهم جميعا، لأنه يعلم أن ذلك سعادة له في الدنيا والآخرة.
ويحكي الفضيل بن عياض - رحمه الله - أنه كان في الحرم، فجاء خراساني يبكي، فقال له: لماذا تبكي؟ قال: فقدت دنانير، فعلمت أنها سرقت مني، فبكيت.
قال: أتبكي من أجل الدنانير؟ قال: لا، لكني بكيت، لعلمي أني سأقف بين يدي الله أنا وهذا السارق، فرحمت السارق، فبكيت.
وبلغ أحد السلف أن رجلا اغتابه، فبحث عن هدية جميلة ومناسبة، ثم ذهب إلى الذي اغتابه، وقدم إليه الهدية. فسأله عن سبب الهدية. فقال: إن الرسول صلى الله عليه و سلم قال: " من صنع لكم معروفا فكافئوه "
وإنك أهديت لي حسناتك، وليس عندي مكافأة لك إلا من الدنيا. سبحان الله!!
12- الكلمة الطيبة، ودفع السيئة بالحسنة:
قال الله - تعالى -: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34).
فتأمل يا أخي هذا الإرشاد الإلهي العظيم.
وقال - تعالى - واصفا عباده المؤمنين: (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) (الفرقان: من الآية72).
13- الالتجاء إلى الله وكثرة الدعاء: وقد كان ذلك من هدي الرسول صلى الله عليه و سلم.
كان يقـول: " اللهم أصلح لي ديني، الذي هو عصمة أمري. وأصلع لي دنياي، التي فيها معاشي. وأصلح لي آخرتي، التي فيها معادي. واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر " [رواه مسلم 17/40].
وكـان يقول: " اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين. وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت " .
ويقول - كما ورد في الأثر: " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، ومن الجبن والبخل، ومن غلبة الدين وقهر الرجال ".
ختاما: أدعوك أيها القارئ الكريم لتلحق بركب السعداء، سعادة حقيقية غير وهمية.
لتفوز بالحياة الطيبة الهانئة بعيدا عن الأكدار والمنغصات وذلك بتحقيق معنى الإيمان بالله والعمل الصالح في نفسك.
فإن الله عز وجل يقول: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97) .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن أتبع هديه الى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موانع السعادة
لا ريب أن ثمة موانع كثيرة للسعادة تحول دون الوصول إليها، والتنعم بالعيش فيها.
وإليك أهم تلك الموانع:
1- الكفر: يقول الله -تعالى-: (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ )(الأنعام: من الآية125).
هكذا يصور القرآن التعاسة والشقاء تصويرا دقيقا.
2- عمل المعاصي والآثام والجرائم: ولن أستشهد على هذا الأمر فهو واضح جلي، لكني أذكر قولا من أقوال الكفار، لبيان هذه القضية.
يقول ألكس كاريل: "إن الإنسان لم يدرك بعد فداحة النتائج التي تترتب على الخطيئة، ونتائجها لا يمكن علاجها على وجه العموم".
ويقول سقراط، وهو كافر: "إن المجرم دائما أشقى من ضحيته، وإن من يكون مجرما ولم يعاقب على جرمه، يكون من أشقى الناس".
هكذا يقول هذان الكافران، بينما نجد " أن، صحابيا أذنب، فجاء إلى الرسول صلى الله عليه و سلم وقال: يا رسول الله طهرني، وكررها على رسول الله - عليه الصلاة والسلام - فأقام عليه الحد. " [رواه مسلم 11/199].
3- الحسد والغيرة: وأمر الحسد خطير، حتى إن الله -تعالى- يأمرنا بالاستعاذة من شر الحاسد، قال -تعالى-: (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) (الفلق:5).
وقال الله -تعالى-: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) (النساء: من الآية54). قال ذلك عن الكفار.
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم موجها أمته: " لا تحاسدوا، ولا تقاطعوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا " [متفق عليه]
ولا مانع من أن نستشهد على سوء الحسد من كلام بعض أعدائنا.
يقوك فيكتور بوشيخ: "إن الحسد والغيرة والحقد أقطاب ثلاثة لشيء واحد، وإنها لآفات تنتج سموما تضر بالصحة، وتقضي على جانب كبير من الطاقة والحيوية اللازمتين للتبكير والعمل".
4- الحقد والغل: قال -تعالى- في سورة الحشر: (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا) (الحشر: من الآية10).
يصف الله -تعـالى- المؤمنـين في هذه الآية بأنهم يقولون هذا الدعاء، لأن الغل من موانع السعادة.
ويقول -تعالى- واصفا المؤمنين في حياتهم الأبدية، في جنة الخلد: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) (الأعراف: من الآية43).
يقول إبراهيم الجمل: "الحاقد يظل طوال وقته لا يفكر إلا في النيل من الذي يحقد عليه، فقد يكذب عليه، وقد يضر به، ولا يهاب في سبيل ذلك ما يفعل".
5- الغضب: لا شك أن الغضب من حواجب السعادة والانشراح، ولذلك امتدح الله المؤمنين قائلا عنهم: (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) (الشورى: من الآية37). ويقول الرسول صلى الله عليه و سلم " ليس الشديد بالصرعة، إنمـا الشديد من يملك نفسه عند الغضب " [متفق عليه].
6- الظلم: فإن الظلم مرتعه وخيم. وعاقبته سيئة إلى أبعد الحدود.
فلنقف على مثالين معاصرين يصوران عقبى الظلم ومآل الظلمة، هما (حمزة البسيوني، وصلاح نصر)،) صبا على الدعاة إلى الله من الظلم والعذاب ما تقشعر له الأبدان.
ولكن: كيف كانت حياتهم؟ شر حياة والله.
أما حمزة البسيوني فقد بلغ به التجبر والطغيان إلى حد أنه كان يقول للمؤمنين - وهو يعذبهم حينما يستغيثون بالله - يقول: أين إلهكم لأضعه في الحديد!
وأما صلاح نصر فقد كان يعقد على زوجات الناس عقودا وهمية، وهن في عصمة رجال آخرين، ويتزوجهن!!! لكن كيف كانت نهاية أولئك الطغاة؟
حمزة البسيوني اصطدمت سيارته، وهو خارج من القاهرة إلى الإسكندرية، بشاحنة تحمل حديدا، فدخل الحديد في جسمه، من أعلى رأسه إلى أحشائه، وعجز المنقذون أن يخرجوه إلا قطعا.
هكذا أهلكه الله بالحديد، وهو الذي كان يقول إنه سيضع الله في الحديد، تعالى الله عما يقول الظالمون.
وأما صلاح نصر فقد أصيب بأكثر من عشرة أمراض مؤلمة، مزمنة، عاش عدة سنوات من عمره في تعاسة، ولم يجد له الطب علاجـا، حتى مات سجينا، مزجوجا به في زنـزانات زعمائه الذين كان يخدمهم.
إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته.
7- الخوف من غير الله إن الخوف من غير الباري -سبحانه- يورث الشقاء والذلة، ولذلك قال الله -تعالى- عن بني إسرائيل: (أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ) (البقرة: من الآية114).
وقال -تعالى-: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:175).
وقـال إبراهيم لقومه - كـما ورد في القرآن -: (وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ) (الأنعام: من الآية80).
إذن فالخوف من غير الله من موانع السعادة.
8- التشاؤم: كم كان التشاؤم سببا في التعاسة والمتاعب. ولهذا كان المصطفى صلى الله عليه و سلم يعجبه الفأل، ويكره التشاؤم. [أخرجه أحمد ورواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه].
يقول الدكتور عزيز فريد: "المتشائم يتحمل بفعل اتجاهه التشاؤمي متاعب عدة، هي أشد وقعا على أعصابه من الكوارث والملمات التي قد تقع به".
9- سوء الظن: فالله -سبحانه- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) (الحجرات: من الآية12).
ويقول الرسول صلى الله عليه و سلم " إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث " [متفق عليه].
10- الكبر: المتكبر يعيش في شقاء دائم، وتعاسة أبدية، وإن تغطرس، وتعالى على الناس، وغمطهم حقوقهم.
11- تعلق القلب بغير الله: كتعلق قلب العاشق بمعشوقته.
ويكفي لتصوير خطورة الأمر أن نقرأ قصة مجنون ليلى، لنعلم كيف عاش هذا الرجل شريدا طريدا، حتى جن، ومات وهو عاشق.
وكم من عاشق مات في عشقه، وقدم على الله وقلبه معلق بغيره. فيالها من خسارة دنيوية وأخروية.
12- المخدرات: إن كثـير من الناس يتوهم أن السعادة تجتلب بمعـاقرة المخدرات والمسكرات، فيقبلون عليها، قاصدين الهروب من هموم الدنيا ومشاغلها وأتراحها، وإذا بهم يجدون أنفسهم كالمستجير من الرمضاء بالنار.
لأن المخدرات في الحقيقة من الحوائل دون السعادة، وإنها تجلب الشقاء، واليأس، والانحلال، والدمار.
دمار الفرد والمجتمع والأمة.
وإن لنا في الواقع الحاضر لخير شاهد على ذلك فليعتبر أولو الألباب.
والآن، بعد أن عرفنا موانع السعـادة، فلنعد إلى طريق الخلاص والفكاك، إلى أسباب السعادة، والسبل الموصلة إلى ظلالها الوارفة.. فما هي أسباب السـعادة وما هي صفات السعداء؟
أسباب السعادة وصفات السعداء
إن من يريد أن ينال السعادة، وهو لم يأخذ بأسبابها يصدق عليه قول الشاعر:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس
فلنقف معا على أسباب السعادة وصفات السعداء لعل الله أن يوفقنا للأخذ بها إنه جواد كريم:
1- الإيمان بالله، والعمل الصالح:
يقول الله تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) (النحل: من الآية97) أي فلنحيينه حياة سعيدة.
وكلنا يريد الحياة الطيبة، فعلينا بالعمل الصالح مع الإيمان: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (المائدة: من الآية69).
وفي حديث أبي يحيى صهيب بن سنان قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد، إلا للمؤمن، إن أصابته سراء، شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر، فكان خيرا له " [رواه مسلم 18/125].
وكان الرسول صلى الله عليه و سلم يجد راحته ولذته في الصلاة والطاعة، كان يقول: " أقم الصلاة يا بلال، أرحنا بالصلاة " [رواه أحمد وأبو داود].
بينما نجد كثيرا من الناس يقول: أرحنا من الصلاة، نحن في غم، في هم، نحن مشغولون عن الصلاة - هكذا يقولون - والرسول صلى الله عليه و سلم يقول: " وجعلت قرة عيني في الصلاة " [رواه أحمد والنسائي].
ولنعرج على مثال حي واقعي، لنرى كيف يفعل الإيمان بأصحابه، كيف يجعلهم يشعرون بالسعادة في كل الأحوال!! ابن تيمية - رحمه الله - عذب وسجن وطرد، ومع هذا نجده يقول، وهو في قلعة دمشق، في آخر مرحلة من مراحل إيذائه وجهاده، يقول: "ما يصنع أعدائي بي، أنا جنتي وبستاني في صدري، أنى رحلت فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة".
هكذا نجد شيخ الإسلام يغلق الطرق في وجوه أعدائه بهذه القولة الخالدة، التي تعد نبراسا يضيء الطريق للمؤمنين، ولا يستطيعها إلا عظماء الرجال، وذوو الهمم العالية.
2- الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره:
فكله من الله - سبحانه وتعالى - فاعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك.
وهذه الصفة من أهم صفات السعداء، إذ لا يمكن أن تحصل السعادة إلا لمن يؤمن بالله، ومن الإيمان بالله الإيمان بقضائه وقدره، والرضا بقسمه، لأن الإنسان في هذه الحياة لا بد أن ينتابه شيء من الهموم والمصائب، فإن لم يؤمن بالقضاء والقدر، هلك.
ولنضرب مثلا للإيمان بالقضاء والقدر، وأثره في سعادة الإنسان:
عروة بن الزبير- رحمه الله - أرادوا أن يقطعوا رجله، لأن فيها الآكلة (السرطان) فقالوا له: لابد أن نسقيك خمرا، لكي نستطيع أن نقطع رجلك بدون أن تحس بآلام القطع - خاصة أنهم بعد القطع سيضعونها في الزيت المغلي ليقف الدم - فماذا كان موقفه؟
لقد رفض وقال: لا، أيغفل قلبي عن ذكر الله!! فقالوا: إذن ماذا نفعل؟ قال: سأدلكم إلى طريقة أخرى، إذا قمت إلى الصلاة، فافعلوا ما تشاؤون، لأن قلبه - حينئذ - يتعلق بالله، فلا يحس بما يفعل به.
وفعلا عندما كـبر مصليا، قطعوا رجله من فوق الركبة، ولم يتحرك، ولكن عندما وضعوا رجله في الزيت المغلي سقط مغشيا عليه، وفي الليل أفاق. فإذا بالناس يقولون له: أحسن الله عزاءك في رجلك، وأحسن الله عزاءك في ابنك.
لقد مات ابنه في هذه الأثناء، فماذ قال؟ قال بكل تسليم وإيمان بالقضاء: "الحمد لله، يا رب إن كنت ابتليت فقد عافيت، وإن كنت أخذت فقد أعطيت وأبقيت".
هذا هو الإيمان الصادق بالقضاء والقدر، ولكن أين أمثال هؤلاء التقاة الخاضعين لله، المسلمين لمشيئته، (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت:35).
3- العلم الشرعي:
فالعلماء العارفون بالله هم السعداء.
وإليك يا أخي الكريم قصة تناسب هذا المقام، وهي قصة لأحد العلماء الزهاد، ألا وهو أبو الحسن الزاهد، فما أحداث تلك القصة المثيرة؟
كان أحمد بن طولون - أحد ولاة مصر - من أشد الظلمة، حتى قيل: إنه قتل ثمانية عشر ألف إنسان صبرا (أي يقطع عنه الطعام والشراب حتى يموت) وهذا أشد أنواع القتل، فذهب أبو الحسن الزاهد إلى أحمد بن طولون امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه و سلم " أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر " [رواه أحمد والنسائي وابن ماجة] وقال له: "إنك ظلمت الرعية"، وخـوفـه بالله - تعالى - فغضب ابن طولون غضبا شديدا، وأمر بأن يجوع أسد ثم يطلق على أبي الحسن!! يا له من موقف رهيب!! لكن نفس أبي الحسن الممتلئـة بالإيمان والثقة بالله، جعلت موقفه موقفا عجيبا.
عندما أطلقوا عليه الأسد أخذ يزأر، ويتقدم، ويتأخر، وأبو الحسن جالس لا يتحرك، ولا يبالي، والناس ينظرون إلى الموقف، بين باك وخائف على هذا العالم الورع.
وضعوا أمامه أسدا جائعا!! إنها معركة غير متكافئة!! ولكن ما الذي حدث؟ لقد تقدم الأسد وتأخر، وزأر، ثم سكت، ثم طأطأ رأسه، فقرب من أبي الحسن، فشمه، ثم انصرف عنه هادئا، ولم يمسسه بسوء.
وهنا تعجب الناس! وكبروا، وهللوا.
ولكن في القصة ما هو أعجب من ذلك.
لقد استدعى ابن طولون أبا الحسن، وقال له: قل لي بماذا كنت تفكر، والأسد عندك، وأنت لا تلتفت إليه، ولا تكترث به؟
فأجاب قائلا: إني كنت أفكر في لعاب الأسد - إن مسني - أهو طاهر أم نجس؟
قال له: ألم تخف الأسد؟ قال: لا، فإن الله قد كفاني ذلك.
هذه هي السعـادة الحقيقية، التي يورثهـا الإيمان والعلم النافع، هذا هو الانشراح الذي يبحث عنه كل الناس.
هذا الموقف الصلب من أبي الحسن يذكرنا بموقف الصحابي الجـليل خبيب بن عدي - رضي الله عنـه - عنـدمـا أسره المشركون، وقبل أن يقتلوه، سألوه: هل لك حاجة قبل أن تموت؟ فطلب منهم أن يمهلوه حتى يصلي ركعتين، فأمهلوه فصلى ركعتين - وكان أول من سن الركعتين قبل القتل .
وبعد الصلاة قال: والله لولا أني خشيت أن تظنوا أني جزع من القتل، لأطلت الصلاة..
فلما رفعوه ليصلبوه ويقطعوه، سألوه: أتحب أن محمدا مكانك وأنك بين أهلك؟
فقال: "والله إني لا أحب أن يصاب محمد بشوكة بين أهله، وأنا في مكاني هذا"!!
انظر يا أخي إلى قوة اليقين، وصلابة المؤمنين!! ثم قال "اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا".
شجاعة، بطولة! قوة يقين! رسوخ إيمان! يصلي بثبات، يرد عليهم بثبات، يدعو عليهم بثبات، ينشد هذه الأبيات بثبات، هذا هو لب السعادة لمن أرادها.
4- الإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن: (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد: من الآية28).
إن من داوم على ذكر الله يعش سعيدا مطمئن القلب. أما من أعرض عن ذكر الله، فهو من التعساء البؤساء. (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) (الزخرف:36).
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طـه:124).
(فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الزمر: من الآية22).
5- انشراح الصدر وسلامته من الأدغال:
وفي القرآن الكريم آيات عديدة في مقام الانشراح، فقد حكى الله عن موسى - عليه الصلاة والسلام - قوله (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) (طـه: من الآية25).
وقال تعالى - ممتنا على رسوله محمد - صلى الله عليه و سلم (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) (الشرح:1).
وقال تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ) (الأنعام: من الآية125).
ويقول - جل شأنه: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) (الزمر: من الآية22).
فانشراح الصدر وطلبه من علامات السعادة وصفات السعداء.
6- الإحسان إلى الناس:
وهذا أمر مجرب، ومشاهد، فإننا نجد الذي يحسن إلى الناس من أسعد الناس، ومن أكثرهم قبولا في الأرض.
7- النظر إلى من هو دونك في أمور الدنيا وإلى من هو فوقك في أمور الآخرة:
كما ورد في التوجيه النبوي الكريم حين قال صلى الله عليه و سلم " انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله " [رواه مسلم].
هذا في أمور الدنيا، لأنك إذا تذكرت من هو دونك، علمت فضل الله عليك.
أما في أمور الآخرة فانظر إلى من هو أعلى منك، لتدرك تقصيرك وتفريطك، لا تنظر إلى من هلك كيف هلك، ولكن انظر إلى من نجا كيف نجا.
8- قصر الأمل وعدم التعلق بالدنيا، والاستعداد ليوم الرحيل:
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في كلمة جامعة مع أنها قصيرة: "الحياة قصيرة. فلا تقصرها بالهم والأكدار".
وهاك يا أخي هذه المحاورة القيمة التي دارت بين نفر، من المتخلين عن الدنيا، المتأهبين ليوم الرحيل.
جلس نفر من الصالحين يتذاكرون، ويتساءلون حول قصر الأمل.
فقيل لأحدهم: ما بلغ منك قصر الأمل؟ فقال: بلغ مني قصر الأمـل أنني إذا رفعت اللقمة إلى فمي، لا أدري أأتمكن من أكلها أم لا!!
ووجه السؤال نفسه إلى آخر، فأجاب بقريب من ذلك.
ولما سئل ثالثهم عن مبلغ قصر الأمل في نفسه. قال: بلغ مني قصر الأمل أني إذا خرج مني النفس، لا أدري أيرجع أم لا!!
إن الحياة - يا أخي - قصيرة، فلا تزدها قصرا ومحقا بالهموم والأكدار.
9- اليقين بأن سعادة المؤمن الحقيقية في الآخرة لا في الدنيا: قال تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (هود:108).
ويقول الرسول صلى الله عليه و سلم " الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر " .
وهنا قصة عجيبة لابن حجر العسقلاني - رحمه الله - خرج يوما بأبهته - وكان رئيس القضاة بمصر - فإذا برجل يهودي، في حالة رثة، فقال اليهودي: قف. فوقف ابن حجر. فقال له: كيف تفسر قول رسولكم: " الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر " وها أنت تراني في حالة رثة وأنا كافر، وأنت في نعيم وأبهة مع أنك مؤمن؟!.
فقال ابن حجر: أنت مع تعاستك وبؤسك تعد في جنة، لما ينتظرك في الآخرة من عذاب أليم - إن مت كافرا -.
وأنا مع هذه الأبهة - إن أدخلني الله الجنة - فهذا النعيم الدنيوي يعد سجنا بالمقارنة مع النعيم الذي ينتظرني في الجنات.
فقال: أكذلك؟ قال: نعم. فقال: أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
10- مصاحبة الأخيار والرفقة الصالحة:
ولا يستطيع أحد أن ينكر أثر القرين على قرينه، فهو مشهود، ومجرب، وواضح من خلال الواقع، ومن خلال التاريخ.
ولذلك قال الرسول صلى الله عليه و سلم " مثل الجليس الصـالح، والجليس السوء، كحامل المسك، ونـافخ الكير... " [متفق عليه].
11- أن تعلم أن أذى الناس خير لك ووبال عليهم:
قال إبراهيم التيمي: "إن الرجل ليظلمني، فأرحمه".
ويروى أن ابن تيمية أساء إليه عدد من العلماء وعدد من الناس، وسجن في الإسكندرية.
فلما خرج، قيل له: أتريد أن تنتقم ممن أساء إليك؟ فقال: قد أحللت كل من ظلمني، وعفوت عنه" أحلهم جميعا، لأنه يعلم أن ذلك سعادة له في الدنيا والآخرة.
ويحكي الفضيل بن عياض - رحمه الله - أنه كان في الحرم، فجاء خراساني يبكي، فقال له: لماذا تبكي؟ قال: فقدت دنانير، فعلمت أنها سرقت مني، فبكيت.
قال: أتبكي من أجل الدنانير؟ قال: لا، لكني بكيت، لعلمي أني سأقف بين يدي الله أنا وهذا السارق، فرحمت السارق، فبكيت.
وبلغ أحد السلف أن رجلا اغتابه، فبحث عن هدية جميلة ومناسبة، ثم ذهب إلى الذي اغتابه، وقدم إليه الهدية. فسأله عن سبب الهدية. فقال: إن الرسول صلى الله عليه و سلم قال: " من صنع لكم معروفا فكافئوه "
وإنك أهديت لي حسناتك، وليس عندي مكافأة لك إلا من الدنيا. سبحان الله!!
12- الكلمة الطيبة، ودفع السيئة بالحسنة:
قال الله - تعالى -: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34).
فتأمل يا أخي هذا الإرشاد الإلهي العظيم.
وقال - تعالى - واصفا عباده المؤمنين: (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) (الفرقان: من الآية72).
13- الالتجاء إلى الله وكثرة الدعاء: وقد كان ذلك من هدي الرسول صلى الله عليه و سلم.
كان يقـول: " اللهم أصلح لي ديني، الذي هو عصمة أمري. وأصلع لي دنياي، التي فيها معاشي. وأصلح لي آخرتي، التي فيها معادي. واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر " [رواه مسلم 17/40].
وكـان يقول: " اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين. وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت " .
ويقول - كما ورد في الأثر: " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، ومن الجبن والبخل، ومن غلبة الدين وقهر الرجال ".
ختاما: أدعوك أيها القارئ الكريم لتلحق بركب السعداء، سعادة حقيقية غير وهمية.
لتفوز بالحياة الطيبة الهانئة بعيدا عن الأكدار والمنغصات وذلك بتحقيق معنى الإيمان بالله والعمل الصالح في نفسك.
فإن الله عز وجل يقول: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97) .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى